حين تثور سوريا ..بقلم:عمرو الشوبكي

ثارت سوريا وخيّبت توقعات وزير خارجيتها إبراهيم المعلم حين قال إنها غير معرضة لتكرار السيناريو المصرى لأنها لم توقع على اتفاقية «كامب ديفيد»، وسقط واحد من الأوهام التى نسجها النظام السورى حول نفسه وصدقها بعض البسطاء حين روّج إلى أنه نظام ممانع ومقاوم لإسرائيل، وهو فى الحقيقة نظام ممانع للإصلاح ومقاوم لطموحات شعبه بالحديد والنار.

د-عمرو الشوبكي

إن سوريا حافظ الأسد مثل سوريا بشار الأسد لم تطلق ولو بالخطأ طلقة واحدة على إسرائيل منذ حرب 1973، وسوريا الصمود والتصدى كانت أكذوبة كبرى صدقها بعض السذج لأنها كانت عبارة عن أكوام من الشعارات لم تترجم ولو مرة واحدة إلى أفعال.

النظام السورى نظام قمعى بامتياز لا يفوقه إلا شقيقه «البعثى» فى عراق صدام حسين، وهنا تأتى عظمة وشجاعة الشعب السورى الذى ثار على واحد من أكثر النظم العربية استبداداً، معتمداً فقط على سواعد أبنائه ودمائه.

إن ملحمة الشعب السورى تأتى فى ظل ظروف اتحدت بالكامل ضد حرية هذا الشعب، فهناك جيش يسيطر فيه ماهر الأسد، شقيق الرئيس، على قيادة الفرقة الرابعة (الأقوى والأحدث فى الجيش السورى)، وصهره آصف شوكت على «المخابرات»، على عكس الملحمة المصرية التى امتلكت جيشاً مهنياً محترماً انحاز منذ اللحظة الأولى لمطالب الشعب المصرى، فساعد على نجاح الثورة، أما فى سوريا فجزء من الجيش متورط فى قتل الأبرياء والمدنيين فى درعا وغيرها، والجزء الباقى معقودة عليه الآمال فى رفض هذا القتل العشوائى لأبناء شعبه.

إن جهاز الأمن السورى هو واحد من أبشع أجهزة الأمن فى العالم، فمهما تحدثنا عن جرائم أمن الدولة فى مصر، فلا يمكن مقارنتها بما يجرى فى سوريا.

فكما كنا نقول عن مبارك إنه لا يعنيه شعبه وإنه يتعمد إهانته، فإن نظام حافظ الأسد وولده بشار يكره شعبه ويحقد عليه بتعبير أصدقائنا السوريين.

إن شهداء أمس الأول فى سوريا فاقوا الـ 65 شهيداً منهم 48 فى درعا وحدها، وهى بكل المقاييس جريمة يجب أن يحاسب عليها النظام الحاكم، فالشعب السورى ليس حقل تجارب، ولا أرواح أبنائه رخيصة حتى لا يحاسب مَن يزهقونها.

سقطت نظرية النظام السورى التى تقول إنه محصن من الثورات لأنه لم يوقع على كامب ديفيد وستسقط معها تلك النظرية البليدة التى صنفت العالم العربى إلى دول ممانعة وأخرى معتدلة، لأنه عملياً لم يمتلك إلا تصنيفاً واحداً هو «دول الفشل»، فنحن لم نقدم نماذج جادة وحقيقية للممانعة كما فعلت إيران (رغم موقفها المخجل من ثورة سوريا)، إنما قدمنا «ممانعة» سوريا الأسد وليبيا القذافى، وكلاهما نموذج يدرس فى الفشل والقمع وإرهاب الدولة، ولم نقدم أيضا نماذج فاعلة ومؤثرة للاعتدال كما قدمت تركيا وماليزيا، إنما أيضا نظم فاشلة مثل نظام مبارك كنموذج للتبعية المهينة لأمريكا وإسرائيل.

إن الثورات العربية ستعيد ترتيب علاقتنا بالعالم، وحين تنجح الثورة السورية بعون الله سيصبح العرب رقما على الساحة الدولية، ويصبحون دولاً تحترم شعوبها فيحترمها العالم. تحية لشهداء سوريا الذين لامسوا السماء ليس فقط بأرواحهم، إنما بشجاعتهم وإصرارهم على النجاح، وإن دعم سوريا لواجب قومى وأخلاقى وإنسانى يجب ألا نحيد عنه حتى تنتصر ثورتها مثل الثورتين التونسية والمصرية.

amr.elshobaki@gmail.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
//