أليس في "بلاد اللا عجائب" فنيّا!

أليس في "بلاد اللا عجائب" فنيّا!

أليس تعود لعالم العجائب لتدخل مغامرات مع شخصيات العالم.

أليس تعود لعالم العجائب لتدخل مغامرات مع شخصيات العالم.
رامي عبدالرازق -mbc.net

برغم أن فيلم "أليس في بلاد العجائب Alice in Wonderland" يسيطر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على قمة شباك التذاكر الأمريكية، وكونه يستعين بالتقنية ثلاثية الأبعاد ((3d، إلا أن أحداثه وتفاصيله جاءت سطحية وباردة وخالية من الحيوية.

وعندما تكون الدراما ضعيفة، والشكل جميلا، والإيرادات كبيرة، فهذا معناه أن الجمهور يبحث عن عوالم خيالية يمكن أن يستغرق فيها ساعتين أو أكثر، ومن ثم تمنحه مساحة للخروج من مشكلاته، والخلاص المؤقت من أزماته!

أليس في السينما

قصة "أليس في بلاد العجائب" هي إحدى أهم وأشهر قصص الخيال في التراث الإنساني الحديث، وقد ألفها للأطفال الكاتب وعالم الرياضيات الإنجليزي تشارلز لوتويدج دودسن باسم مستعار هو لويس كارول في عام 1865.

وتحكي القصة عن فتاة صغيرة تهبط إلى حفرة خلف أرنبها الصغير باني باني، فتجد نفسها في عالم سحري غريب، حيث الحيوانات والحشرات الأشياء والنباتات كلها تتحدث وتسير وتعيش حياة كحياة البشر.

وقُدمت أليس أكثر من مرة في السينما الأمريكية كان أولها عام 1903، ثم عام 33 و51. وتقديمها في هذا الوقت المبكر معناه أن السينما انتبهت إلى ما في هذه القصة من خيال سينمائي ودرامي واضح، برغم صعوبة التنفيذ الإنتاجي المحكم، نظرا لما تطلبه القصة من خدع وديكورات وأكسسورات وماكياج خاص للشخصيات.

إلا أن السينما الأمريكية استطاعت أن تقدم الإبهار البصري المتواصل على قدر ما كان التطور وقتئذ يسمح، وهكذا أصبحت "أليس" واحدة من القصص التي يتم تقديمها كل فترة في السينما، خصوصا مع التطور التكنولوجي الذي يتيح مزيدا من الابهار في الصورة والخيال.

ومسألة الإبهار في الصورة هي تحديدا العنصر الأساسي في النسخة الجديدة من أليس في بلاد العجائب.. إذ إن المخرج تيم بارتون واحد من أشهر مخرجي أفلام الخيال، وأفلامه كلها قائمة على حالة بصرية مختلفة، سواء على مستوى الإضاءة أو الديكورات أو الخدع أو الموضوعات التي يفضل تقديمها.

المراهقة المخلصة

برغم المعالجة الدرامية المختلفة التي صاغ من خلالها الفيلم قصة أليس، فإن أحداثه نفسها وتفاصيله جاءت سطحية وباردة وخالية من الحيوية أو الشحنات الدرامية المميزة، إذ قدمت المعالجة تصورا جديدا، هو أن أليس لم تعد فتاة صغيرة بل مراهقة في سنّ الزواج، وذلك في إنجلترا القرن التاسع عشر.

هذه المراهقة ابنة رجل أعمال شهير ومرشحة للزواج من لورد شاب.. لكنها لا تريده.. وفي البداية نراها وهي طفلة صغيرة لا تزال تحلم بأشياء من بلاد العجائب.. وتحكي لأبيها عن أنها كابوس يؤرقها.

وفي يوم خطبتها بعد 13 عاما، يظهر لها الأرنب الذي تقودها مطاردته إلى الحفرة التي تهبط بها إلى بلاد العجائب.. لنكتشف أن الجميع بانتظارها.. لأن هناك نبوءة تتحدث عنها كمخلصة لبلاد العجائب أو البلاد السفلى، كما يطلق عليها الفيلم من التنين الشرير جابرووكي.

وفكرة النبوءة والمخلص واحدة من التيمات الدرامية الشهيرة في السينما العالمية.. لكنها أصحبت تيمة مستهلكة من خلال معالجات طازجة.. ولكن للأسف افتقدت هنا هذه "الطزاجة" إذ وجدنا أنفسنا أمام نفس تفاصيل التيمة ذاتها؛ حيث المخلص لا يؤمن بأنه المخلص -مثلما رأينا في ماتريكس مثلا- وحيث الجميع يشجعونه أو يضعفون إراداته على حسب رغباتهم.

وحيث الشر المطلق المتمثل في ملكة أوراق الكوتشينة الحمراء، وحيث الخير المطلق في الطرف الآخر، متمثلا في الملكة البيضاء التي لا تستطيع أن تؤذي مخلوقا حيا.. وحيث المقاومة الشعبية التي يقودها صانع القبعات المجنون.

هذه التفاصيل المعتادة لتيمة المخلص يتم صياغتها وتلوينها بالعالم العجائبي الغريب للقصة الأصلية.. لكنها تظلّ تفتقد الروح أو التدفق الحي.. بل إن هناك بعض أجزاء في الفيلم يكاد الإيقاع فيها أن يكون مملا وغير مثير للمتابعة.

ثلاثية الأبعاد

على الرغم من ضعف الدراما في الفيلم، فإنه استطاع أن يحقق إيرادات عالية في أسابيع عرضه الأولى بالعالم، خصوصا أنه يعرض ضمن موجة الأفلام ثلاثية الأبعاد التي بدأت بكريسماس كارول ثم أفاتار، وهناك على الأقل خمسة أو ستة أفلام أخرى هذا العام تنتظر العرض سوف تقدم بتقنية 3D.

والواقع أنه لولا أن "أليس في بلاد العجائب" معروض ضمن تقنية 3D، وبتلك الإمكانات البصرية الكبيرة لما تحقق هذا الإقبال. لكن المشكلة أيضا هي أن هناك فرقا بين تقديم فيلم بتلك التقنية، وصناعة الفيلم على أساس أنه سيعرض بتلك التقنية.

بمعنى أنه في فيلم كريسماس كارول كان هناك توظيف حقيقي لفكرة الأبعاد الثلاثة من خلال زوايا الكاميرا وطبيعة الخدع وتكنيك المونتاج وأحجام اللقطات.. أما في أليس فالفيلم مصنوع بالطريقة السينمائية التقليدية، لكنه معروض فقط بنظام الأبعاد الثلاثة!

ظهر ذلك في المشاهد الأخيرة من الفيلم؛ حيث المعركة بين الأحمر رمز الشر والأبيض رمز الخير، وحيث ظهر التنين المتوحش جابرووكي، وتصدت أليس ممسكة بالسيف فابريال، علما بأن السيف هو أشهر أسلحة المخلص في كل الأعمال الفنية.

في هذه المعركة نكتشف أن 3D أضاف شكلا جماليا وليس إبهارا سينمائيا، بمعنى أن زوايا الكاميرا وأحجام اللقطات في المعركة كانت ستختلف كثيرا لو أن صناع الفيلم يصيغونه أساسا بالأسلوب ثلاثي الأبعاد.. أما أن تكون المعركة منفذة بالخدع بشكل جيد والأبعاد الثلاثة مجرد "ذواق".. فهذا ضعف في المستوى لا يليق بالسينما الأمريكية صاحبة الشكل المبهر، ولكن يبدو أن الكل يريدون أن يسايروا موضة 3D، ولو على حساب الشكل والمضمون!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
//