التحدي هو الوسيلة الوحيدة التي يعتمد عليها للبقاء في عالم النجومية، والنجاح في نظره له ثمن يدفعه أولا باجتياز المخاطر، إنه النجم الأمريكي نيكولاس كيدج الذي يتبوأ في هذه الأيام مرتبة متقدمة بين نجوم هوليوود، بعد أن حقق فيلمه "الساحر المبتدئ The Sorcerer's Apprentice" مركزا متقدماً في قمة إيرادات السينما الأمريكية قبل أيام، وإن كان يُؤخذ عليه اعتماده على أفكار الإيرادات العالية وعنصر الإبهار دون النظر لقيمة الأفلام التي يشارك فيها خلال العشر سنوات الأخيرة الماضية.
تفجرت موهبته سريعا، واستطاعت التعبير عن نفسها لتطغى على تفكيره، وتخطيطه لمستقبله في وقت مبكر من عمره، وهو الأمر الذي بدا واضحا لعائلته وأصدقائه فكان لعمه المخرج العالمي فرانسيس كوبولا دور جواز في مرور ذلك الشاب الذي يمكنه عمل أي شيء للوصول إلى السينما بعد أن قدم عددا من الأدوار الصغيرة ككومبارس لم تساعده في لفت الأنظار إليه.
إلى أن أسند له عمه كوبولا دورا مهما في أحد أفلامه Rumble Fish عام 1983، ثم بدأ نيكولاس في شق طريق طويل لعالم واسع من النجومية إلا أنها أحبطت آماله في بعض خطواته الأولى، خاصة أنه وجد كثيرا من الأدوار التي يترشح لها مجاملة لعمه دون النظر لموهبته التي وثق أنها ستكون جواز مروره الحقيقي للجمهور.
وقتها قرر نيك أن يغير اسمه الحقيقي "نيكولاس كيم كوبولا" فاختار أسماء بعيدا عن لقب العائلة مثل نيكولاس بلو ثم نيكولاس فوست، وأخيراً اختار نيكولاس كيج نسبة إلى شخصية جون كيج بطل أحد القصص الكوميدية التي يعشقها نيك ليثبت عن جدارة أن لديه موهبة تستحق المغامرة.
اشتهر نيكولاس بأنه ذلك الشاب الشقي المجنون؛ إذ لديه القدرة على اجتياز كل شيء في سبيل النجاح ليلفت النظر إليه، فقام بخلع أحد أسنانه في مشهد له في فيلم Cotton Club The عام 1984، وكذلك قام بأكل صرصار حي في أحد مشاهده في فيلم Vampire's Kiss عام 1989.
في تلك الفترة تعرض نيكولاس لحملة انتقادية شرسة بعد دوره في فيلم Peggy Sue Got Married عام 1986 لدرجة وصفه بـ"الجرح الدميم" الذي أفسد الفيلم، وطالت الانتقادات عمه كوبولا الذي أخرج الفيلم فتخلى عنه منذ ذلك الحين، ولم يطلبه في أدوار أخرى.
لم يلتفت نيك لتلك الانتقادات الهجومية إلا أنها زادته تحديا وثقة في موهبته عندما أدرك أنه يقف وحيداً على بعد خطوات من عالم النجومية بين مفترق طرق، خاصة أنه اشتهر لدى معجباته من الفتيات بأداء الأدوار الرومانسية التي برع فيها.
وفي عام 1987 أتاحت له النجمة العالمية شير فرصة عمره بالوقوف أمامها في فيلم Moonstruck التي يدين لها الفضل لما وصل إليه؛ إذ إنها صارعت من أجل إسناد دور البطولة له في الفيلم الحائز على الأوسكار؛ في الوقت الذي تخوف فيه الجميع من مغامرة الاستعانة بممثل مغمور لم يتخطّ الـ23 عاما.
بعدها بدأ تقديم عدد من الأدوار المتنوعة والمؤثرة التي ترك فيها بصمة مميزة فأظهر موهبته الكوميدية في فيلم Raising Arizona عام 1987، وتلاه ظهور متميز في عدة أفلام مثل Fire Birds و Wild at Heart، واشتهر بالأدوار الرومانسية في Honeymoon in Vegas وIt Could Happen to You عام 1994.
إلى أن ساقه القدر إلى جائزة الأوسكار بفيلم Leaving Las Vegas عام 1995، ليقف النقاد بجانبه للمرة الأولى منذ أن بدأ مشواره، وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار كأحسن ممثل، الأمر الذي لم يتخيل حدوثه فكانت المفاجأة بفوزه بالجائزة بالفعل وجعلت من صعوده على المسرح أشبه بالمشهد الهزلي فلم ترحمه الصحافة في اليوم التالي، لتعطي له أسوأ الرجال أناقة في حفل الأوسكار.
تحول نيك من مغامرة شقية لتحقيق النجاح إلى نضج سينمائي محسوب الخطوات فاخترق نيكولاس بعدها الأكشن وأدوار الحركة التي زادت أسهمه لدى الجمهور والنقاد، ومهدت طريقه للعالمية، فقدم The Rock عام 1996، و Con Air عام 1997، وفي العام نفسه قد فيلم Face/Off الذي يُعتبر من أفضل أفلام الأكشن على الإطلاق.
وظل تارة يقدم الأكشن فيكسب قلوب الشباب وتارة يقدم الرومانسي فيخطف قلوب معجباته، فيعتبر من النجوم القلائل الذي لديه شعبية كبيرة بين الجمهور من الجنسين، ربما لاعتماده على أدائه وليست وسامته التي لم يلقَ لها بالاً طوال مشواره.
فبعد موجة الأكشن والإثارة التي توجته ملكاً على عرش أفلام الأكشن في هوليوود قدم فيلم City of Angels عام 1998، فتوجهه ملكاً على عرش الأفلام الرومانسية إلى أن قدم فيلم Gone in Sixty Seconds حتى أطلق عليه لقب "بيكاسو السينما، وفنان الصعاب".
وفي عام 2002 رُشح لجائزة الجولدن جلوب عن دوره في فيلم Adaptation، ثم خاض تجربة الإخراج الأولى في فيلم sonny، ثم قدم واحدا من أفضل أفلامه Lord of war عام 2005 الذي تفوق فيه على نفسه، وتخطى شجاعته عندما كشف أن الولايات المتحدة تؤدي الدور الرئيس في إشعال الحروب، وأن الرئيس الأمريكي وقتها "جورج دبليو بوش" أكبر تاجر سلاح في العالم، وهو الفيلم الذي وصلت به شجاعته للمشاركة في إنتاجه ليطلق عليه لقب "نيكولاس الشجاع".
لم يحافظ نيكولاس كيدج على ما وصل له من نجاح لفترة طويلة فبدأت أسهمه تتساقط وشعبيته تتهاوى، حتى بدد بها ما وصل إليه، وبدأ هذه الإخفاقات بفيلم The Wicker Man عام 2006؛ حيث فشل على كل المستويات، وكان واحدا من أسوأ أفلامه على الإطلاق، وبعدها بعام هاجمه النقاد في فيلم Ghost Rider بالرغم من نجاحه الجماهيري وإيراداته العالية.
ويؤخذ على كيدج في العشر سنوات الأخيرة الماضية اعتماده على أفكار الإيرادات العالية وعنصر الإبهار دون النظر للقيمة التي وضعته على قمة النجومية.
ولم ينكر نيك أنه حاول التوقف عن التمثيل لمرات عدة نظرا لشعوره بالملل، ورغبته في حياة هادئة ومستقرة، بعيداً عن ضوضاء الشهرة إلا أنه لم يستطع ذلك معلناً أن التمثيل في دمه مهما كرر المحاولة.
ولد نيكولاس كيم كوبولا في 7 يناير/كانون الثاني 1964 بالولايات المتحدة، وله أصول إيطالية، وطالت مغامراته زواجه لثلاث مرات؛ فكانت الأولى من الممثلة "باتريشيا آركيت" ثم تم الطلاق الذي أعقبه زيجة سريعة لم تستمر سوى شهرين ونصف الشهر من "ليزا ماري" ابنة المطرب العالمي "ألفيس بريسلي" عام 2002، ثم تزوج من بائعة لسندويتشات السوشي "اليس كيم" زوجته الحالية التي التقاها في أحد المطاعم في أثناء تناوله العشاء، فأعجب بها من أول نظرة وتزوجها ولديه منها ولدان؛ هما كال 4 أعوام، وويستون 19 عاما.
وطالت مغامراته ثروته الطائلة بعد أن تفاقمت عليه الضرائب بالملايين، التي تمثلت في ديون اضطر لتسديدها ببيع ممتلكاته.
كما أن المغامرة وحب التجربة لم تمنعه من تعاطي المخدارت "المشروم السحري" مع قطته حسب ما أعلن مؤخراً!
0 التعليقات:
إرسال تعليق