هشام البسطويسي القاضي الذي قال لا


انضم المستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض لقائمة المرشحين لرئاسة الجمهورية بعدما أعلن نيته خوض السباق الرئاسي إلى جانب الأسماء التي أعلنت قرارها بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي وأبرزهم عمرو موسي ومحمد البرادعي وحمدين صباحي وعبد الله الأشعل وسامح عاشور.

ترشيح البسطويسي سيضفي قوة وإثارة لتلك الانتخابات لما يتمتع به الرجل من تاريخ مشرف في خدمة الوطن من خلال انضمامه لتيار الاستقلال في القضاء والتي خاض مع زملائه من  القضاة الإصلاحيين معارك عديدة ضد النظام السابق انتهت بتوجيه اللوم  للبسطويسي فيما عرف باسم أزمة القضاة في مصر عامي 2005 و 2006 علي خلفية اعتراضه على التزوير الذي حدث في بعض الدوائر الانتخابات البرلمانية لعام 2005 ومناداته باستقلال السلطة القضائية وعدم تدخل وزير العدل والسلطة التنفيذية في شئون القضاة. 

قرار البسطويسي وان جاء مفاجئا للكثيرين، ولكنه بالتأكيد قادر على المنافسة ولعب مباراة سياسية قوية سيكون الرابح فيها الشعب المصري، وما يؤكد ذلك تصريحاته الذي أكد فيها أنه قادر على المنافسة والفوز في الانتخابات القادمة حتى لو كان منافسيه محمد البرادعي وعمرو موسى، وأنه لو لم يكن واثقا من الفوز في الانتخابات لما ترشح.

كما أكد  أنه اتخذ قرار الترشح بعدما جاءته اتصالات عديدة من الشباب وأعضاء في أحزاب وقوى سياسية تطالبه بذلك، وأنه سيقدم برنامجا انتخابيا قريبا، مشيرا إلى أنه ليس شخصية معروفة للنخبة فحسب، وإنه على اتصال بكل فئات الشعب وأنه يضع العمال والفلاحين على رأس أولوياته.

المستشار الثائر
ظل المستشار البسطويسي على مدار تاريخه المهني في محراب العدالة لا يخاف في الحق لومة لائم، ولم تفلح معه إغراءات النظام المخلوع أو إرهابه في إثنائه عن مبادئه وقيمه التي تربى عليها، كما لم تدفعه ظروفه الصعبة هو ومئات القضاة الشرفاء في استجداء السلطة التنفيذية وتنفيذ مطالبها، وظل دائما على الحق سواء داخل مصر أو خارجها.

في عام 1992 أعير البسطويسي للعمل في الإمارات، وهناك قاد أول إضراب للقضاة المصريين احتجاجاً على وقف قاضيين مصريين عن العمل، وشاركه في الإضراب الذي استمر 25 يوماً صديق عمره المستشار محمود مكي، و المستشارين ناجي دربالة، وسيد عمر، وأحمد سليمان، وكانوا وقتها وكلاء نيابة ، لكنهم رغم كل الضغوط رفضوا فض الإضراب إلا بعد إعادة القاضيين المصريين إلى العمل، والالتزام بكل شروط القضاة المصريين، وبعد أشهر قليلة من الأزمة يحقق وكيل النيابة هشام البسطويسي في واقعة سكر بين في الطريق العام " وعندما يتدخل الأمير للعفو عن المتهم يرفض البسطويسي ويكتب على أمر العفو العالي كلمة الحق (لا شفاعة في حد) ويحول المتهم إلى المحكمة، لم يثنه عن قراره الخوف من السلطان أو الرغبة في المال والجاه، فكلمة الحق أحق بأن تتبع، ومضت سنوات الإعارة الأربع ليعود بعدها إلى القاهرة دون التجديد لعامين كما هو معمول به في الوسط القضائي.

طوال تاريخه الطويل في القضاة لم يشرف البسطويسي علي انتخابات برلمانية سوى مرة واحدة في الثمانينات، بدائرة مينا البصل، كان وقتها وكيلاً للنيابة ومشرفاً في اللجنة العامة، وإزاء التدخلات الأمنية والتلاعب في الصناديق قرر بسطويسي إلغاء الانتخابات في الدائرة، ورغم كل الضغوط التي مارسها وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى وتلويحه له بالتفتيش القضائي إلا أنه لم يرضخ للضغوط ولجأ إلى نادي القضاة بالإسكندرية، ومن يومها لم يتم انتداب المستشار هشام البسطويسي للإشراف على أي انتخابات.

كما لم ينتدب لوزارة أو شركة لأداء عمل غير قضائي، وحتى عندما جاء دوره للانتداب لمحكمة القيم؛ اعتذر عنه رافضاً بذلك زيادة في المرتب الشهري قدرها 1200 جنيه، لكن القاضي الحر أقر في اعتذاره المكتوب أنه " لا يشرفني العمل في محكمة استثنائية طالب القضاة مراراً بإلغائها.

في عام 2003 تقضي محكمة النقض برئاسة المستشار حسام الغرياني وعضوية المستشار هشام البسطويسي ببطلان نتائج انتخابات دائرة الزيتون – دائرة زكريا عزمي – ويؤشر المستشار فتحي خليفة رئيس النقض على النسخة الأصلية للقرار بتعييب إجراءات التحقيق والقرار الصادر فيهما طالباً إعادة عرض الطعنين، فترد المحكمة بذات التشكيل في فبراير 2004 تعقيب رئيس محكمة النقض على الحكم في الطعن الانتخابي لأنه لا صفة له فيما يطلبه، " فلا صفة لرئيس المحكمة في التعقيب عليها أو إملاء طريق معين للتحقيق، أو توجيه الدائرة أو أحد أعضائها في شأنها".

تشويه السمعة

أدرك النظام المخلوع أن المستشار البسطويسي ليس من النوعية التي يستطيع شرائها بالمال أو بالامتيازات الأخرى، فقرر اللجوء إلي وسائل قذرة في محاولة للضغط عليه وإثنائه عن طريقه الصحيح ، ففي أحد المرات حاول خطفه عن طريق إحدى السيدات التي أدعت أنها في حاجة شديدة لمساعدته وترغب في لقائه وعن تلك الواقعة يقول المستشار البسطويسي " أثناء اعتصام القضاة الشهير بالنادي تضامنا مع إحالتي والمستشار محمود مكي للمحاكمة بسبب فضحنا التزوير والتلاعب في نتيجة الانتخابات البرلمانية، حاولوا تلفيق قضية دعارة لي من أجل تصويري وتهديدي بالفضيحة، وبدأت القصة باتصال هاتفي من سيدة معروفة حاليا، وكنت موجودا مع زملائنا في نادي القضاة، وطلبت مقابلتي لأمر مهم، فرفضت تماما مقابلتها في أي مكان بخلاف صالون النادي أو بمنزلي أمام زوجتي وأولادي، لكنها فضلت مقابلتي في النادي، وبالفعل قابلتها، وعندما دخلت للنادي، ورأت بعينيها الاعتصام والجو داخل النادي بكل ما فيه من زخم وحياة وإصرار وقوة، أجهشت بالبكاء، وعندما اندهشت أفضت لي بأنها مكلفة باستدراجي إلى خارج أبواب وأسوار النادي، على أن يقوم بعض الأشخاص العاملين بجهات أمنية، بخطفي عن طريق تخديري بحسب ما قالت لي السيدة، وعندما سألتها عما سيحدث بعد ذلك، قالت إنهم كانوا سيصورونني عاريا في أوضاع مخلة معها دون أن تظهر هي في الصور أو الفيديو على ما أذكر لأني سألتها هل قبلت أن تفضح نفسها في الصور، وعندما سألتها لماذا صارحتني بهذا المخطط، قالت إنها لا تعرف السبب وراء ذلك، لكن ما رأته في النادي أثر فيها، ، واتفقت معها على أن أخرج معها إلى السلالم الخارجية للنادي، ثم أفتعل معها مشاجرة حتى لا تتهم بأنها فشلت في مهمتها أو يشكوا فيها"

ولم يسلم المستشار البسطويسي من الإيذاء، فقد كان مراقبا طوال الوقت حتى في بيته ،فقد أكتشف جهاز تنصت متناهي الصغر داخل صالون منزله، في المكان الذي يلتقي فيه بأصدقائه وضيوفه من القضاة أو الصحفيين أو كاميرات التليفزيونات المحلية والعالمية  ،وقد أكتشف ذلك بعدما قام أحد الأشخاص بنقل تفاصيل مكالمة له مع أحد أصدقائه من الدبلوماسيين وبتفتيش المكان عثر على الجهاز وتخلص منه. ووصلت الممارسات والمضايقات إلى حد أنهم كانوا يتصلون بهم على تليفون المنزل من أرقام غريبة ومن المحافظات، وكانوا يسبونهم بأفظع الشتائم، كما كانوا يتسلمون رسائل تحوى ألفاظا وعبارات قذرة.

وكانت آخر تلك المحاولات إجبار وزير العدل الأسبق المستشار محمود أبو الليل كما أعترف هو في حوار صحفي على توقيع قرار إحالة البسطويسي ومكي للمحاكمة  في 2006 وهي القضية التي حصل فيها البسطويسي علي عقوبة اللوم، بعدها أكد الوزير أن لحظة توقيعه على قرار إحالة البسطويسى للتأديب أسوأ لحظات حياته، لأنه أجبر على ذلك بعد أن تلقى اتصالا من زكريا عزمي قائلا: " الرئيس يخبرك بضرورة إحالتهما للتأديب ودي تعليمات ولازم تتنفذ "

محراب العدالة

ولد المستشار هشام محمد عثمان البسطويسي في 23 مايو عام 1951 بالقاهرة وتخرج من كلية الحقوق عام 1976 ، بعدها التحق بالعمل بمكتب المحامي صلاح السهلي وتعرف علي زوجته الحالية ألفت صلاح السهلي وتزوجا وسافرا إلى الإسكندرية حيث بدأ حياته العملية كوكيل نيابة بالجمرك.

ثمان سنوات قضياها تنقلا فيها من نيابة الجمرك لنيابة الأحداث ثم قاضي بالمحكمة الجزئية، وخلالها رزقا بثلاثة أبناء محمد وأحمد، ومصطفى، وفي عام 1988 عادت الأسرة إلى القاهرة ليعمل البسطويسي في نيابة النقض ويقضي بها عشرة سنوات حتى عام 1998 عندما اختارته الجمعية العمومية لمحكمة النقض مستشاراً لمحكمة النقض، وفي عام 2000 تم ترقيته بفضل تقاريره القضائية الممتازة إلى نائب رئيس محكمة النقض.

أصيب بأزمة قلبية عام 2006 أثناء محاكمته هو وزميله المستشار محمود مكي بتهمة  الخروج على تقاليد القضاء والإضرار بسمعة القضاء المصري بحديثهما في تلفزيونات فضائية عن تجاوزات في الانتخابات التشريعية قبل الماضية ، ونقل إلي مستشفي كيلوا باترا واستخدموا في علاجه سبع صدمات كهربائية حتى تمكن من الخروج من الأزمة وقد زاره وزير العدل الأسبق محمود ابوالليل في المستشفي وقبل رأسه ويقال أن هذا المشهد كان السبب في إقالة الأخير من الوزارة بعد ذلك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
//